شهد عام 2023 زيادةً في تقلبات الأسواق المالية من حيث الأسعار والعملات والسلع، وتفاقمت هذه التقلبات بسبب التضخم العالمي والهزات العنيفة التي شهدها قطاع الائتمان بانهيار بنوك أمريكية وأوروبية كبرى (مثل وادي السيليكون وكريدي سويس). وفي حين أن رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس منذ بداية العام أدى إلى ارتفاعها بنسبة 22%، إلا أن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة كان لها أيضًا آثار بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي.

وعلى الرغم من تعقيدات البيئة التشغيلية، استطاعت مجموعة الخزينة في مصرف الراجحي بفضل قدراتها التمويلية التغلب على تلك الصعوبات والتحديات، فضلًا عن اغتنام الفرص التجارية السانحة عن طريق تعزيز محفظتها من المنتجات والخدمات خلال العام قيد المراجعة. ويتجلى نجاح هذا العام في مؤشرات الأداء الجيدة التي حققتها المجموعة، ومحفظة منتجاتها المتنوعة والمتنامية بقوة، وقاعدة عملائها المتزايدة، فضلًا عن زيادة الدخل التشغيلي نتيجة استحواذ المجموعة على أصول عالية الجودة وتوسيع سجلها الاستثماري بنجاح في عام 2023.

نمو قطاع صرف العملات الأجنبية

يحظى مركز تداول العملات الأجنبية في مصرف الراجحي بتغطية سوقية واسعة في مجال التداول وصناعة السوق لأكثر من 40 عملة، كما يتعامل مع 128 بنكًا على مستوى العالم. وقد سجل إجمالي دخل مصرف الراجحي من تداول العملات الأجنبية زيادةً سنويةً بنسبة 7.3% في عام 2023.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، واجهت البنوك منافسةً متزايدةً من قطاع التقنية المالية والشركات الجديدة الأخرى في مجال تداول العملات الأجنبية للأفراد والشركات. ومع ذلك، تم تنفيذ عدد من المبادرات لتعزيز مكانة مصرف الراجحي في السوق وبين منافسيه وفق منظور استراتيجي بعيد المدى، كما استهدفت تلك المبادرات زيادة قدرة المصرف على الوصول إلى شريحة أكبر من الشركات التي تتعامل بالعملات الأفضل أداءً.

استطاع مصرف الراجحي تعزيز سمعته في تداول مراكز العملات الأجنبية الكبيرة، تأكيدًا على امتلاكه لأكبر شبكة مؤسسات مالية في المنطقة، وكذلك توفيره مزايا قوية للعملاء التجاريين من الشركات الكبرى والمشاريع التنموية عالية القيمة قيد التنفيذ في مختلف أنحاء المملكة.

واصل مصرف الراجحي تسهيل المعاملات الدولية لعملائه من الشركات والأفراد خلال العام، مستفيدًا من رصيد خبراته وشبكة المؤسسات المالية التابعة له، مما أدى إلى تنويع تدفق الأعمال، وساعد المصرف على استكشاف أسواق جغرافية جديدة. وقد ارتفعت أحجام تداول العملات الأجنبية للعملاء وحدها بنسبة 14.5% على أساس سنوي في عام 2023، مما أدى إلى زيادة دخل المصرف من صرف العملات الأجنبية بنسبة 7.3%، حيث ساهم ذلك جزئيًا في تعويض انخفاض الدخل التشغيلي للمصرف هذا العام.

بلغت حصة مصرف الراجحي من سوق دخل العملات الأجنبية في المملكة 18.9% بنهاية الفترة المشمولة بالتقرير، وقد حقق بذلك نتائج منافسة لنظرائه من البنوك المحلية والأجنبية.‏ وتقديرًا لإنجازات مجموعة الخزينة في مجال صرف العملات الأجنبية، فقد حصدت جائزة "أفضل بنك في المملكة العربية السعودية في تداول العملات (فوركس) لعام 2023" من جوائز مجلة جلوبال فاينانس.

تنويع مصادر التمويل

واصلت مجموعة الخزينة تعزيز هيكل الميزانية العمومية للمصرف من خلال تنويع مصادر التمويل وتعزيز السيولة والحفاظ على النسب التنظيمية. وقد شملت مصادر التمويل المتنوعة الصكوك الممتازة غير المضمونة والتمويل المشترك والثنائي واتفاقيات إعادة الشراء لأجل، مما مكَّن المصرف من تعزيز النسب التنظيمية لديه.

شرعت مجموعة الخزينة أيضًا بتنفيذ العديد من مبادرات تحسين تكلفة التمويل وعملت باستمرار على مراقبة وتقييم أسعار الالتزامات المدفوعة. وقد ظلت تكلفة التمويل في أفضل مستوياتها، حيث بقيت دون معدل سايبور (سعر الفائدة بين البنوك السعودية) لثلاثة أشهر منذ بداية العام.

وشهد العام المشمول بالتقرير أول إصدار لصكوك بالدولار الأمريكي من مصرف الراجحي في أسواق رأس المال الدولية بعد الإصدارات المحلية الناجحة للصكوك بالريال السعودي في عام 2022. وقد جاءت الصكوك المستدامة لمدة خمس سنوات بقيمة مليار دولار أمريكي ومعدل ربح 4.75% وسجل طلبات بلغ أكثر من 3.75 مليار دولار أمريكي، مما يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين العالميين والإقليميين في المصرف. وسيتم توجيه عائدات إصدار هذه الصكوك نحو تمويل المشاريع البيئية والاجتماعية، مما يعزز التزام المصرف بالإطار الذي وضعه للتمويل المستدام، كما يزيد مساهمته في تحقيق أهداف المملكة بالوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري وتحقيق رؤية 2030.

وفي عام 2023، أطلق مصرف الراجحي تسهيلات مرابحة لسلع مستدامة أخرى على شريحتين لمدة ثلاث سنوات بقيمة 1.43 مليار دولار أمريكي، لتمثل بذلك ثاني برنامج تمويل مشترك متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية يقدمه المصرف على التوالي. كما نجح المصرف في مضاعفة العرض الأولي بمقدار 1.9 ضعفًا في ظل الاهتمام المتزايد في أوساط المستثمرين. وقد دعمت مجموعة مكونة من 11 مستثمرًا عالميًا من جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط مصرف الراجحي في هذا البرنامج، مما يدل على ثقة المستثمرين في التزام المصرف بالتمويل المستدام.

تقديرًا لدور مصرف الراجحي، باعتباره أول مؤسسة مالية إسلامية في العالم تطلق تسهيلات تمويل مشترك مماثلة على شريحتين لمدة ثلاث سنوات بقيمة 1.265 مليار دولار أمريكي، حصل المصرف على جوائز أفضل بنك للتمويل المشترك الإسلامي بالشرق الأوسط لعام 2023 في السندات والتمويل والصكوك. وقد ساهم كل هذا في رفع التصنيف الائتماني طويل الأجل للعملات الأجنبية لمصرف الراجحي خلال الفترة المشمولة بالتقرير من "BBB+" إلى "A-" وفقًا لمؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال التي تُعد من المؤسسات العالمية الرائدة للتصنيفات الائتمانية والمعايير والتحليلات.

محفظة منتجات جاهزة للمستقبل

واصلت مجموعة الخزينة توسيع نطاق محفظة منتجاتها خلال السنة المشمولة بالتقرير؛ وفي إطار مبادرة تحسين المنتجات لعام 2023، عملت مجموعة الخزينة على تعزيز محفظة منتجات التحوّط من أسعار الفائدة بالمصرف لتلبية الطلب الحالي في السوق، فضلًا عن تقديم حلول لخفض التكاليف وحلول تحوّط للعملاء.

محفظة منتجات مجموعة الخزينة في مصرف الراجحي متنوعة تنوعاً كبيرًا من حيث الأجل والتصنيف الائتماني والتوزيع الجغرافي، وهي تضم مجموعةً كبيرةً من فئات الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والتي تعمل باستمرار على تعزيز مصادر الدخل وتنويعها، وزيادة انتعاش العائدات، مع إدارة سيولة المصرف على المدى المتوسط والطويل. وقد ظلت المنتجات الاستثمارية الإسلامية، بما في ذلك اتفاقيات إعادة الشراء لتحسين العائدات والتمويل، ضمن محفظة منتجات المصرف منذ طرحها بنجاح خلال السنة المالية السابقة.

تطور عروض القيمة المقدمة للعملاء

في إطار مواصلة جهود تعزيز عروض القيمة المقدمة لعملائنا في عام 2023، عقدت مجموعة الخزينة جلسة توعية شاملة بمنتجات المشتقات المالية للعملاء من الشركات بهدف زيادة فهم العملاء لكيفية تقديم منتجات المشتقات المالية حلولًا مناسبةً تلبي متطلباتهم المالية الحالية والمستجدة. وبعد انتهاء الجلسة، أبدى العملاء حرصًا كبيرًا على استكشاف منتجات المشتقات المالية بشكل أكبر، مما ساهم في زيادة دخل المصرف من المشتقات المالية بنسبة 30.5% على أساس سنوي.

واصلت مجموعة الخزينة تعزيز بنيتها التحتية التقنية خلال العام قيد المراجعة عن طريق أتمتة العديد من العمليات والتقارير التنظيمية. وقد أسهمت قدرات الأتمتة والميزات المحسنة في تعزيز أعمال تداول العملات الأجنبية المتنامية، في حين عمل محرك التداول الإلكتروني التابع لمجموعة الخزينة على توسيع نطاق خدمة "الأسعار المباشرة للعملات الأجنبية" لتغطي الشركات التابعة للمجموعة، مما أسهم في تعزيز تدفقات العملات الأجنبية لمجموعة الخزينة. بالإضافة إلى ذلك، أطلق المصرف منتجًا رقميًا لودائع "الاستثمار المباشر" المتوافق مع المرابحة الإسلامية من خلال تطبيق مصرف الراجحي للجوَّال، مما أسهم في إثراء تجربة العملاء بتوفير حلول استثمار مبتكرة وتسهيل الوصول إليها.

الذهب... الملاذ الآمن

على الرغم من تقلبات الأسعار، احتفظ الذهب بمكانته كملاذ آمن عالمياً، مع تحول المستثمرين إلى شراء الذهب خلال الاضطرابات الاقتصادية والسوقية وكذلك في فترات التضخم المرتفع. ولذلك عمل مصرف الراجحي على تمكين العملاء من الوصول إلى سوق السبائك من خلال القنوات التقليدية والرقمية خلال العام قيد المراجعة. وقد خضعت محفظة الذهب الرقمية التابعة لمجموعة الخزينة لعدد من التحسينات على الميزات الخاصة بالعملاء والواجهة الخلفية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر ميزات إعادة تخصيص الذهب والتقارير وتصفية المحفظة ونقل المحفظة، مما ساعد في تحسين جودة الخدمة وتجربة المستخدم الرقمية.

شهد عام 2023 أيضًا قيام مجموعة الخزينة بتوسيع نطاق خدمات محفظة الذهب الرقمية لتشمل الكيانات التجارية من خلال البوابة الإلكترونية للأعمال بالمصرف، مع تقديم ميزات محسنة توفر تجربة تداول سلسة. وقد توسعت الأعمال الفعلية لمحفظة الذهب بالمصرف سريعًا لتشمل سوق تجارة الجملة السعودي في عام 2023.